الخميس، 19 أغسطس 2010

بتحبّي ساعدك؟

خلال زيارتي إلى الغالاكسي سنتر اليوم، قررت، وعلى غير عادة، أن أرفق بالبائعة التي هجمت عليّ ما إن اجتزت عتبة متجر "ساغا" الزاهي. كنت في صدد البحث عن قميص يلائم سروالاً ابتعته قبل أيام. "الشوبنغ" يريحني، ومزاولة "الشوبنغ" بمفردي ممارسة لها طقوسها الخاصة، ممارسة تجعلني أتفاعل مع وحدتي من منظور آخر. ولكن لنا في هذا الموضوع حديث آخر. السروال المذكور ضيّق ذو طبعات بنية سوداء، يحتاج إلى قميص هادىء، رومانسي، يلطّف من الإيحاءات التي يهمس بها عندما يلتف حول الساقين بكل تملك. البائعة سألت سؤالها التقليدي بنبرة من حفظَ الإجابة مسبقاً. "بتحبي ساعدك؟"، قالتها ثمّ استدارت وكأنها قبضت مني الجواب سلفاً. وعندما شرحت لها مشكلتي، تبرّمت وتأففت وقد فطنت إلى أنها ستضطر إلى ممارسة عملها فعلاً هذه المرة، ثم ما لبثت أن رفعت إصبعها نحو صفوف الملابس المرتبة ترتيباً عسكرياً وقالت وكأنّ روحها تزهق من بين أضلعها: "حسنٌ، تفرّجي".


ذكروني، ألم تعرض عليّ المساعدة للتوّ؟ أم أن سؤالها كان نوعاً من الاعتراف بوجودي ومنحي إذناً بالتجوّل لا أكثر؟

بعد دقائق، أتحفتني بنصيحة أخرى، إيحاءً منها بأنها تجدّ وتكدّ في عملها: "إذا أعجبك شيءٌ، جرّبيه."

لا يا شيخة!

المحل الذي كان يعيش فترة تنزيلات وصلت إلى السبعين والثمانين بالمائة يوحي وكأنك حتماً ستشتري أي قطعة بثمن بخس. وهو بالمناسبة لا يحوي شيئاً من الماركات الفخمة أو السينييه. لكن لا تتعجّب عزيزي القارىء عندما أقول لك إنّ الثياب تزداد غلاءً في فترة التنزيلات! فترى ثمن القطعة الواحدة يصل إلى نصف مليون ليرة (في هذه الحالة) ليعودَ فيُخفّض بعد ذلك وفقاً لحسابات السبعين والثمانين بالمائة. والله إنني لأقسم إنها كانت أرخص ثمناً قبل موسم "السايل"!

أتركها ثم أنتقل إلى المكان المجاور حيث يتفرّغ لي البائع فننفق ساعات في التحدث من وراء ستار زاوية تغيير الملابس وأنا أبدّل قميصاً بآخر، وفستاناً بفستان آخر. ولا أنسى قبل أن أترك المجمّع التجاري أن أعرّج على محلها وأنا أتباهى بالأكياس التي أحملها من لدى جارها.

نعم، أعرف، يبدو أنّ المعاملة الحسنة تضرّ بالجيب والميزانية.